الخطبــــــــــــــــــــــة الاولـــــــــــــــــ،،ـــــــــــي
إِنَّ الْحَمْدَ لِلّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
يعلم ما كان, وما هو كائن , وما سيكون, وما لم يكن لو كان كيف يكون،
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾[آل عمران: 102
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-7
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ ثُــمَّ أَمَّـــــــــــــــــــــــــــــــا بَـعْدُ
[ltr]مازال حديثنا متصلا حول :- محاسن الدين الإسلامي -
انطلاقا من حديث أَبِى ذَرٍّ - رضي الله عنه - الذي قَالَ فيه:
(( أَمَرَنِي خَلِيلِي ﷺ بِسَبْعٍ: أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ،
وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلاَ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِى،
وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ ، وَأَمَرَنِي أَنْ لاَ أَسْأَلَ أَحَداً شَيْئاً،
وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا ، وَأَمَرَنِي أَنْ لاَ أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ،
وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ ))
(وفي رواية: فإنَّها كنزٌ مِن كنوزُ الجنَّةِ )" رواه الإمام أحمد،.
ولقد تطرقنا في الجمعة الماضية الى صفة جليلة ألا وهي
(( حُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ ))
ونود اليوم - إن شاء الله تعالى - أن نقف على العنصر الثاني الذي يرشد إليه هذا الأثر الجليل، وهو : ( تعظيم نعمة الله، والرضا بعطائه )
وذلك قول أبي ذر -رضي الله عنه-:
"وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلاَ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِى".
وهذه صفة عظيمة، نبَّه عليها ديننا الحنيف، ليعوِّد المسلم نفسه القناعة بما رزقه الله، والاعتراف بنعم الله عليه، والرضا بما قسمه الله له،
فإن ذلك هو الغنى الحقيقي.
وقد أوصى النبي - ﷺ- أبا هريرة فقال:
" وارضَ بما قَسَمَ اللهُ لكَ تكُنْ أغْنَى الناسِ" صحيح سنن الترمذي.
وإنما تتضح لك قيمة ما أنعم الله به عليك حين تنظر إلى من هو أدنى منك،
الذي يعاني أشد مما تعانيه،
ولذلك قال النبي - ﷺ-:" انْظُرُوا إِلَى مَنْ هو أَسفَل مِنْكُمْ وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوقَكُم؛ فهُوَ أَجْدَرُ أَن لا تَزْدَرُوا نعمةَ اللَّه عَلَيْكُمْ " مسلم.
قال المباركفوري: " فإن المرء إذا نظر إلى من فُضِّلَ عليه في الدنيا،
استصغر ما عنده من نعم الله، فكان سببا لمقته،
وإذا نظر للدون، شكر النعمة، وتواضع وحَمِدَ".
وما منا أحد إلا وهو يعاني إما من مرض، أو فقر، أو قلة الولد والمساند،
أو تعاظم مشاكل الدنيا ومصائبها..
ولكن ذلك كله يهون عند المسلم بما رزقه الله من صبر، ورضا.
قال عبدالواحد بن زيد:- "الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، وسراج العابدين".
وقيل :- " من وُهب له الرضا، فقد بلغ أقصى الدرجات".
فيا من له قوت يومه، ويشكو من أن يكون مثل فلان أو فلان من أصحاب الأموال،
و يا من له لباس يستره، وربما له آخرُ يستبدل به الأول، ويحزن لأنه لم يكن مثل فلان الذي يملك كذا وكذا،
انظر إلى حال صحابة رسول الله - ﷺ-، وهم في بداية الإسلام، أشد ما يكونون إلى المؤازرة والقوة، واستفراغ الوسع لنشر دين الله.-
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: " لَقَدْ رَأيْتُ سَبعِينَ مِنْ أهْلِ الصُّفَّةِ، مَا منهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ: إمَّا إزارٌ، وَإمَّا كِسَاءٌ، قَدْ رَبَطُوها في أعنَاقِهِمْ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْن، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الكَعْبَيْنِ، فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ كَراهِيَةَ أنْ تُرَى عَوْرَتُهُ" البخاري.
وهم - مع ذلك - لم يكونوا يهتمون بمثل هذه المظاهر التي أخذت بألبابنا،
ولا ببريق الدنيا الذي من أجله تنافسنا،
مع أنك - يا عبد الله - لا تدري: ألفقر خير لك أم الغنى؟
قال السفَّاريني: " فمن عباده من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغناه لفسد عليه دينه، ومنهم من لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقره لفسد عليه دينه ..
فأيُ قسمه لك من ذلك، فكن به راضيا مطمئنا، لا ساخطا ولا متلوِّنا،
فإنه جل شأنه أشفقُ من الوالدة على ولدها ".
خرج عُروة بن الزبير في سفر إلى الوليد بن عبد الملك ،
حتى إذا كان بوادٍ يُسمي بوادي القرى , وجد في رجله شيئا فظهرت به قرحة،
فجيء بالطبيب، فأمر بقطع رجله من نصف ساقه، فرضي بذلك، وقلب رجله المقطوعة بين يديه وقال: " أما والذي حملني عليك، إنه ليعلم أني ما مشيت بك إلى حرام". وبينما هو كذلك، إذ مات له ابن في ذلك السفر، وكان من أحب أبنائه. فرضي بذلك
وقال: " اللهم كان لي بنونَ سبعة، فأخذتَ منهم واحدا و أبقيتَ منهم ستة،
وكانت لي أطراف أربعة، فأخذت مني طرفا وأبقيت لي ثلاثة،
ولئن ابتليتَ، فلقد عافيتَ، ولئن أخذتَ، فلقد أبقيتَ".
فكان الوليد بن عبد الملك يبحث عن وسيله يخفف بها مصيبة عروة،
فإذ بجماعةٍ من قبيلة بني عبس فيهم رجل ضرير جاؤوا يزورون الخليفة،
فسأله الوليد عن سبب كف بصره .. فقال: (( إنه لم يكن في بني عبس رجلٌ أوفر مني مالاً، و لا أكثر أهلاً وولداً .. فسرتُ يوماً بمالي و عيالي في بطن وادٍ، فَطَرَقَنَا سيل لم نر مثله قط، فذهب السيل بمالي، و أهلي، وولدي، ولم يترك لي غير بعير واحد وطفل صغير، فهرب البعير، وتركت الصغير على الأرض،
فما جاوزت مسافة إلا وأنا أسمع صيحة الطفل،
فإذا برأسه في فم الذئب وهو يأكله، ثم رجعت للبعير لكي أنجو بنفسي،
فرمحني على وجهي رمحةً حطمت جبيني، وذهبَتْ ببصري، فصرت في ليلة واحدة من غير أهل، ولا ولد، ولا مال، ولا بصر".
قال الوليد لحاجبه:" خذ هذا الرجل، واذهب إلى ضيفنا عروة بن الزبير ليقص عليه قصته، وليعلم كل صاحب مصيبة أن في الناس من هو أعظم منه بلاءً". وأنشأ عروة يقول:
لَعَمْرُكَ مَا أهْوَيْتُ كَفَّي لِرَيبَةٍ :: وَلاَ حَمَلَتْنِي نَحْوَ فَاحِشَةٍ رِجْلِي
وَلاَ قَادَنِي سَمْعِي وَلاَ بَصَرِي لَهَا :: وَلاَ دَلَّنِي رَأيِي عَلَيْهَا وَلاَعَقْلِي
وَأعْلَمُ أنِّي لَمْ تُصِبْنِي مُصِيبَةٌ :: مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا قَدْ أصَابَتْ فَتًى قَبْلِي
[/ltr]
الخطبـــــــــــة الثانيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
الحمدُ للهِ وكفى، وسلامٌ على عبادِه الذين اصطفى،
وأشهدُ أنْ لا إلـه إلا الله وحدَه لا شريكَ له ،
وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه ، وصَفِيُّه مِنْ خلقِه وخليلُه ،
صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه وعلى من تَبِعَ هُداه بإحسانٍ إلي يومِ الدين ، وأصلِّي وأُسلِّمُ على رسولِ اللّٰهِ صلاةً نحققُ بها أمرَ ربِّنا، حيثُ أنَّه قال:
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـٰٓئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَـٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب:56]...
فاللَّهمَّ صلِّ على محمدٍ النَّبِيّ ، وأزواجِه أمهاتِ المؤمنين ، وذريَّته ،
وآلِ بيته ، كما صلّيتَ على آلِ إبراهيمَ إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ...
أحباب رسول الله ﷺ
إن القناعة من يحلل بساحتها *** لم يبق في ظلها هم يؤرقه
فيا من ابتلاه الله بالفقر والحاجة وسوء الحال
هل علمت أن الفقراء الصابرين أكثر من يدخل الجنة؟ •
قال النبي - ﷺ-:" اطَّلَعْتُ في الجنَّةِ فرأَيْتُ أكثَرَ أهلِها الفُقراءَ " متفق عليه.
وهل علمت أن الفقراء الراضين، أسبق إلى الجنة من الأغنياء الشاكرين؟ •
يقول النبي - ﷺ-: «يَدْخُلُ فُقَرَاءُ المُسْلِمِينَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ»
وقال النبي - ﷺ- لعبد الله بن عمرو -رضي الله عنه-:"أتعلم؟ أول زمرة تدخل الجنة من أمتي فقراء المهاجرين، يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون، فيقول لهم الخزنة: أو قد حوسبتم؟ قالوا: بأي شيء نحاسب، وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك؟ فيفتح لهم، فيقيلون فيها أربعين عاما قبل أن يدخلها الناس"
.وَلَرُبَّ أمرٍ مُسخَط *** لك في عواقبه رضا
الله يفعل ما يشاء *** فلا تكن مُتعرضا
إخوة الإســــــــــــلام
من لزِم الحمد تتابعت عليه الخيرات ، ومن لزم الاستغفار فُتحت له المغاليق ، ومن لزم الصَلاة على رسول الله وجد ماتمنى وغُفر ذنبه وكُفي همه
إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلً