ابوحذيفة السلفى الاعضاء
عدد المساهمات : 345 نقاط : 1022 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 09/02/2014
| موضوع: هكذا يكون العلماء الجمعة ديسمبر 12, 2014 1:21 pm | |
| هكذا يكون العلماءجزاك الله خيراً من عالم ناصح
----------------------------------
في السنة السابعة والتسعين للهجرة, شد خليفة المسلمينسليمان بن عبد الملك الرحال إلى الديار المقدسةفلما بلغ المدينة, وحط رحاله فيها, أقبل وجوه الناسوذوو الأقدار للسلام عليه والترحيب بهولما فرغ سليمان بن عبد الملك من استقبال المرحبين بهقال لبعض جلسائه:إن النفوس لتصدأ كما تصدأ المعادن إذا لم تجدمن يذكرها الفينة بعد الفينة,ويجلو عنها صدأها.فقالوا:نعم يا أمير المؤمنين.فقال:أما في المدينة رجل أدرك طائفة منصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلميذكرنا ؟فقالوا:بلى يا أمير المؤمنين ها هنا أبو حازم الأعرجفقال:ومن أبو حازم الأعرج ؟فقالوا:سلمة بن دينار عالم المدينة وإمامها,وأحد التابعين الذين أدركوا عدداً من الصحابة الكرام.فقال:ادعوه لنا, وتلطفوا في دعوتهفذهبوا إليه ودعوه.فلما أتاه...رحب به وأدنى مجلسهوقال له معاتبا:ما هذا الجفاء يا أبا حازم ؟فقال:وأي جفاء رأيت مني يا أمير المؤمنين ؟فقال:زارني وجوه الناس ولم تزرني !!.فقال:إنما يكون الجفاء بعد المعرفةوأنت ما عرفتني قبل اليوم, ولا أنا رأيتك,فأي جفاء وقع مني ؟فقال الخليفة لجلسائه:أصاب الشيخ في اعتذاره,وأخطأ الخليفة في عتبه عليه.ثم التفت إلى أبي حازم وقالإن في النفس شئوناً أحببت أن أفضي بهاإليك يا أبا حازمفقال:هاتها - يا أمير المؤمنين - والله المستعان.فقال الخليفة:يا أبا حازم, ما لنا نكره الموت ؟!.فقال:لأننا عمرنا دنيانا, وخربنا آخرتنا...فنكره الخروج من العمار إلى الخراب.فقال الخليفة:صدقت... ثم أردف قائلاً:يا أبا حازم - ليت شعري - ما لنا عند الله غداً ؟.فقال:اعرض عملك على كتاب الله عز وجل تجد ذلك.قال:وأين أجده في كتاب الله تعالى ؟.قال:تجده في قوله - علت كلمته -:(إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ).الانفطار13-14فقال الخليفة:إذن فأين رحمة الله؟.فقال أبو حازم:( إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ )الاعراف56فقال الخليفة:ليت شعري, كيف القدوم على الله جل وعز غداً ؟فقال أبو حازم:أما المحسن, فكالغائب يقدم على أهله...وأما المسيء, فكالعبد الهارب يساق إلى مولاه سوقاً.فبكى الخليفة حتى علا نحبيه,واشتد بكاؤه.ثم قاليا أبا حازم, كيف لنا أن نصلح؟.فقال:تدعون عنكم التكبر, وتتحلون بالمروءة.فقال الخليفة:وهذا المال, ما السبيل إلى تقوى الله فيه ؟.فقال أبو حازم:إذا أخذتموه بحقه...ووضعتموه في أهله...وقسمتموه بالسوية...وعدلتم فيه بين الرعيةفقال الخليفة:يا أبا حازم, أخبرني من أفضل الناس ؟.فقال:أولو المروءة والتقى.فقال الخليفة:وما أعدل القول يا أبا حازم ؟.فقال:كلمة حق يقولها المرء عند من يخافه,وعند من يرجوه.فقال الخليفة:فما أسرع الدعاء إجابة يا أبا حازم ؟.فقال:دعاء المحسن للمحسنينفقال الخليفة:وما أفضل الصدقة ؟.فقال:جهد المقل يضعه في يد البائس الفقير من غيرأن يتبعه من ولا أذى.فقال الخليفة:من أكيس الناس يا أبا حازم ؟.فقال:رجل ظفر بطاعة الله تعالى فعمل بها,ثم دل الناس عليهافقال الخليفة:فمن أحمق الناس ؟.فقال:رجل انساق مع هوى صاحبه, وصاحبه ظالم,فباع آخرته بدنيا غيرهفقال الخليفة:هل لك أن تصحبنا - يا أبا حازم - فتصيب مناونصيب منك ؟.فقال:كلا يا أمير المؤمنينفقال الخليفة:ولم ؟!.فقال:أخشى أن أركن إليكم قليلاً,فيذيقني الله ضعف الحياة وضعف المماتفقال الخليفة:ارفع إلينا حاجتك يا أبا حازم.فسكت ولم يجب...فأعاد عليه قوله:ارفع إلينا حاجتك يا أبا حازمنقضها لك مهما كانت.فقال:حاجتي أن تنقذني من النار,وتدخلني الجنةفقال الخليفة:ذلك ليس من شأني يا أبا حازم.فقال أبو حازم:ما لي من حاجة سواها يا أمير المؤمنين.فقال الخليفة:ادع لي ياأبا حازم.فقال:اللهم إن كان عبدك سليمان من أوليائك,فيسره إلى خيري الدنيا والآخرة.وإن كان من أعدائك, فأصلحه واهدهإلى ما تحب وترضى.فقال رجل من الحاضرين:بئس ما قلت منذ دخلت على أمير المؤمنين...فلقد جعلت خليفة المسلمين من أعداء الله وآذيته.فقال أبو حازم:بل بئس ما قلت أنت, فلقد أخذ الله على العلماء الميثاقبأن يقولوا كلمة الحق,فقال تعالى:( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ )ال عمران 187ثم التفت إلى الخليفة وقال:يا أمير المؤمنين, إن الذين مضوا قبلنا من الأمم الخاليةظلوا في خير وعافية ما دام أمراؤهم يأتونعلماءهم رغبةً فيما عندهمثم وجد قوم من أراذل الناس تعلموا العلموأتوا به الأمراء, يريدون أن ينالوا به شيئاًمن عرض الدنيافاستغنت الأمراء عن العلماءفتعسوا ونكسوا, وسقطوا من عين الله عز وجل.ولو أن العلماء زهدوا فيما عند الأمراء,لرغب الأمراء في علمهمولكنهم رغبوا فيما عند الأمراء,فزهدوا فيهم وهانوا عليهم.فقال الخليفة:صدقت...زدني من موعظتك يا أبا حازم,فما رأيت أحداًالحكمة أقرب إلى فمه منك.فقال:إن كنت من أهل الاستجابة,فقد قلت لك ما فيه الكفاية...وإن لم تكن من أهلها, فما ينبغي لي أن أرميعن قوس ليس لها وترفقال الخليفة:عزمت عليك أن توصيني يا أبا حازم.فقال:نعم...سوف أوصيك وأوجز...عظم ربك عز وجل ونزهه أن يراك حيث نهاك...وأن يفقدك حيث أمرك.ثم سلم وانصرف.فقال له الخليفة:جزاك الله خيراً من عالم ناصح.ما كاد أبو حازم يبلغ بيته,حتى وجد أن أمير المؤمنينقد بعث إليه بصرة ملئت دنانير,وكتب إليه يقول:أنفقها, ولك مثلها كثير عندي.فردها وكتب إليه يقول:يا أمير المؤمنين, أعوذ بالله أن يكون سؤالك إياي هزلاً,وردي عليك باطلاً.فوالله ما أرضى ذلك - يا أمير المؤمنين - لك...فكيف أرضاه لنفسي؟يا أمير المؤمنين, إن كانت هذه الدنانير لقاء حديثيالذي حدثتك به, فالميتة ولحم الخنزير فيحال الاضطرار أحل منها...وإن كانت حقاً لي في بيت مال المسلمينفهل سويت بيني وبين الناس جميعاً في هذا الحق؟ |
|