ملتقى المسلمين فى العالم
حقيقة التقوي (علي القرني)  50758410
ملتقى المسلمين فى العالم
حقيقة التقوي (علي القرني)  50758410
ملتقى المسلمين فى العالم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى المسلمين فى العالم

منتدى اسلامى شامل يجميع جميع المسلمين فى انحاء العالم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

المواضيع الأخيرة
» سلسة: خطب الشيخ العريفي 38 فضل عشر ذي الحجة والسنن الواردة فيها
حقيقة التقوي (علي القرني)  Emptyالإثنين يوليو 10, 2023 10:34 am من طرف ابوحذيفة السلفى

» سلسة: خطب الشيخ العريفي 37 حال المؤمن بعد الحج
حقيقة التقوي (علي القرني)  Emptyالإثنين يوليو 10, 2023 10:29 am من طرف ابوحذيفة السلفى

» سلسة: خطب الشيخ العريفي 36 حجة الوداع
حقيقة التقوي (علي القرني)  Emptyالإثنين يوليو 10, 2023 10:22 am من طرف ابوحذيفة السلفى

» سلسة: خطب الشيخ العريفي 35 أهمية توحيد الله
حقيقة التقوي (علي القرني)  Emptyالإثنين يوليو 10, 2023 10:12 am من طرف ابوحذيفة السلفى

»  سلسة: خطب الشيخ العريفي 34 أهمية التربية الصالحة
حقيقة التقوي (علي القرني)  Emptyالإثنين يوليو 10, 2023 10:01 am من طرف ابوحذيفة السلفى

» سلسة: خطب الشيخ العريفي 33 القول على الله بغير علم
حقيقة التقوي (علي القرني)  Emptyالإثنين يوليو 10, 2023 9:53 am من طرف ابوحذيفة السلفى

» سلسة: خطب الشيخ العريفي 32 الابتــــــــــــلاء
حقيقة التقوي (علي القرني)  Emptyالإثنين يوليو 10, 2023 9:48 am من طرف ابوحذيفة السلفى

» سلسة: خطب الشيخ العريفي 31 التنافس في الخيرات
حقيقة التقوي (علي القرني)  Emptyالإثنين يوليو 10, 2023 9:43 am من طرف ابوحذيفة السلفى

» سلسة: خطب الشيخ العريفي 30 آداب النصيحة
حقيقة التقوي (علي القرني)  Emptyالإثنين يوليو 10, 2023 9:38 am من طرف ابوحذيفة السلفى

» سلسة: خطب الشيخ العريفي 29 إصلاح ذات البين
حقيقة التقوي (علي القرني)  Emptyالإثنين يوليو 10, 2023 9:29 am من طرف ابوحذيفة السلفى

تصويت
من هو أفضل قارئ للقران الكريم
 عبد الباسط عبد الصمد
 محمد صديق المنشاوى
 إبراهيم الشعشاعي
 الشحات أنور
 محمد رفعت
 محمد محمود الطبلاوي
 مصطفى إسماعيل
 نصر الدين طوبار
 محمود الشحات أنور
 راغب مصطفى غلوش
استعرض النتائج
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم

شاطر
 

 حقيقة التقوي (علي القرني)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابوحذيفة السلفى
الاعضاء


عدد المساهمات : 342
نقاط : 1013
السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 09/02/2014

حقيقة التقوي (علي القرني)  Empty
مُساهمةموضوع: حقيقة التقوي (علي القرني)    حقيقة التقوي (علي القرني)  Emptyالثلاثاء مارس 07, 2023 4:42 pm

[size=32]♦ حقيقة الكلمة علي عبد الخالق القرني ♦
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير. وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان. (يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتنا إلا وأنتم مسلمون) .
أما بعد: عبد الله! عقلك عقلك، وسمعك وقلبك، أعرنيهما وأرعنيهما لحظات قد تطول؛ راجيًا أن يتسع صدرك احتسابًا لما أقول. ثم حلِّقْ معي بخيالك متخيلاً ما هو واقع، ومتصوراً ما هو حقيقة على الحقيقة. تخيل وليداً عمره شهر واحد، قضى الله ألاَّ يعيش سوى هذا الشهر، فقبضه ديَّان يوم الدين، وقُبِرَ مع المقبورين. وبينما هم في قبورهم إذ نُفِخ في الصور، وبُعثرت القبور، وخرج المقْبُور، وكان في من خرج ذلكم الصبي؛ ذو الشهر الواحد، حافياً عارياً أبهم، نظر! فإذا الناس حفاة عراة رجالاً ونساءً كالفراش المبثوث، والجبال كالعهن المنفوش. السماء: انفطرت، ومارت، وانشقت، وفُتحت، وكُشطت، وطويت. والجبالُ: سُيِّرت، ونسفت، ودكَّت. والأرض: زلزلت، ومُدَّت، وألقت ما فيها وتخلَّت. العِشَار عُطِّلت .. الوحوش حُشِرت .. البحار فُجِّرت وسُجِّرت. الأمم على الرُّكب جثت، وإلى كتابها دُعيَتْ. الكواكب انتثرت .. النجوم انكدرت .. الشمس كُوِّرت، ومن رءوس الخلائق أُدْنِيت. الأمم ازدحمت وتدافعت .. الأقدام اختلفت .. الأجواف احترقت .. الأعناق من العطش وحرِّ الشمس ووهج أنفاس الخلائق انقطعت. فاض العرق؛ فبلغ الحقوين، والكعبين، وشحمة الأذنين. والناس بين مستظل بظل العرش، ومصهور في حرِّ الشمس.
الصحف نُشِرت، والموازين نُصِبَت، والكتب تطايرت، صحيفةُ كلٍ في يده، مخبرة بعمله، لا تغادر بليَّة كتمها، ولا مخبأة أسرَّها. اللسان كليل .. القلب حسير كسير .. الجوارح اضطربت .. الألوان تغيرت لِمَا رأت .. الفرائص ارتعدت .. القلوب بالنداء قُرِعت .. والموءودة سُئلت .. والجحيم سُعِّرت .. والجنة أُزلِفَت. عَظُم الأمر، واشتدَّ الهول، والمرضعة عما أرضعت ذُهِلَت، وكل ذات حمل حملها وضعت . زاغت الأبصار وشخصت، والقلوب الحناجر بلغت .!!
وأُحْضِرُوا للْعَرْضِ والْحِسَابِ *** وَانْقَطَعَتْ عَلائِقُ الأَنْسَابِ
وارْتَكَمَتْ سَحَائِبُ الأهْوَالِ *** وانْعَجَمَ الْبَلِيغُ في الْمَقَالِ
وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْقَيُّومِ *** وَاقْتُصَّ مِنْ ذِي الظُّلْمِ لِلْمَظْلُومِ
وَسَاوَتِ الْمُلُوكُ لِلأَجْنَادِ *** وَجِيءَ بِالكِتَابِ والأَشْهَادِ
وَشَهِدَت الأَعْضَاءُ وَالْجَوَارِح *** وَبَدَتِ السَّوْءَاتُ والْفَضَائِح
وَابْتُلِيَتْ هُنَالِكَ السَّرَائرْ *** وانكَشَفَ الْمَخْفِيُّ في الضَّمَائِرْ.
هنــــــــــا، تخيل ذلك الوليدُ صاحبَ الشهرِ الواحد، ما اقترفَ ذنباً وما ارتكبَ جُرما , والأهوالُ مُحدِقةٌ به من بين يديه، ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، تخيلهُ مذعوراً قلبُه، اشتعل رأسُه شيبا في الحال لهولِ ما يرى، فيا لله لذلك الموقف.
يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَوْ عَلِمْتَ بِهَوْلِهِ *** لَفَرَرْتَ مِنْ أَهْلٍ وَمِنْ أَوْطَانِ
يَوْمٌ عَبُوسٌ قَمْطَرِيرٌ شَرُّهُ *** في الْخَلْقِ مُنْتَشِرٌ عَظِيمُ الشَّانِ
هذا بلا ذنبُ يخاف مصيره ... كيف المصرُ على الذنوبِ دهورُ
قال الله عز وجلSadفَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً) . عباد الله: في خِضَم هذه الأهوال التي تبيضُّ منها مفارق الولدان ما النجاة؟! وما المخرج؟ ! المخرج والنجاة من أهوال يوم القيامة إن النَّجاة والمخرج في أمر لا غير، لا يصلح قلب، ولا تستقيم نفس ولا تسعد إلا به، خُوطب به الخلق أجمعون، خُّصَّ به المؤمنون، أُوصِيَ به الأنبياء والمرسلون، وخاتمهم سيد ولد آدم أجمعين، عليه وعليهم صلوات وسلام رب العالمين. أي أمر هذا أيها المؤمنون؟

إنه وصية الله للأولين والآخرين: ( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ) [النساء:131]
تقوى الله وكفى، قال جلَّ وعلاSad وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) [الزمر:61]
ويقول تعالى: ( وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً ) [مريم:71-72] .
أي تقوى تنجي بين يدي الله؟ أهي كلمة تُنْتَقى وتُدَبَّج في مقال؟ أم هي شعار يُرفع بلا رصيد من واقع؟ كلا ,
ما كُلُّ مُنتَسِبٍ لِلقَولِ قَوّالُ:
لو أنّ أسباب العَفافِ بلا تُقًى ... نفعت لقد نفعتْ إذاً إبليسا فهو القائل: ( إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) [الحشر:16] لا ينجي -والله- في تلك الأهوال إلا حقيقة التقوى؛ لُبّها .. كُنهها .. ماهيتها .. مضمونها.
فما حقيقة تلك الكلمة يا عباد الله؟ إنها هيمنة استشعار رقابة الله على حياتك أيها الفرد، حتى كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وتلك أعلى مراتب الإيمان؛ وهي مرتبة الإحسان:
وَتِلْكَ أَعْلَاهَا لَدَى الرَّحْمَنِ*** وَهِيَ رُسُوخُ الْقَلْبِ فِي الْعِرْفَانِ
حَتَّى يَكُونَ الْغَيْبُ كَالْعِيَان

حقيقة الاتباع عند الصحابة بل هي هيمنة الدين على الحياة كلها؛ عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، خلقاً ونظاماً، رابطة وأخوة. هيمنة كما أرادها الله تجعل الحياة خاضعة في عقيدة المسلم وتصوره لله، لا يندُّ منها شاردة ولا واردة ولا شاذة ولا فاذة.
هيمنة تسلم النفس كلها لله حتى تكون أفكاراً ومشاعرَ وأحاسيس وسلوكاً محكومة بوحي الله، فلا تخضع لغير سلطانه، ولا تحكم بغير قرآنه، ولا تتبع غير رسوله، لا يحركها إلا دين الله، تأتمر بأمر الله، وتنتهي عن نهيه، متجردة عن ذاتها، متعلقة بربها، وحال صاحبها : خضعت نفسيَ للباري فَسُدتُ الكائنات *** أنا عبدُ الله لا عبدُ الهوى والشهوات
فَهِم هذا أصحابُ رسولُ الله -[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]- ، فصاغوه واقعاً حياً نابضا، انفعلت بهِ نفوسُهم فترجموه في واقعِ سلوكُهم، صِرتَ ترى شرع الله يدبُ على الأرضِ في صورةِ أناسٍ يأكلون الطعام ويمشونَ في الأسواق.
إذا ما دعوا للهدى هرولوا ...  وإن تدعهم للهوى قرفصوا
روى الإمام البخاري عن أنس رضي الله عنه أنه قال: " ( كنتُ ساقي القوم في بيتِ أبي طلحة (يعني الخمر) وإني لقائمُ أسقي فلاناً وفلاناً وفلانا، إذ جاء رجلُ فقال هل بلغَكم الخبر، قالوا وما ذاك؟ قال لقد حُرمتِ الخمر، وقد أمر رسولُ الله -[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]-  مناديا ينادي آلا إن الخمرَ قد حُرمت، فقالوا أهرق هذه القلال يا انس. - فما سألوا عنها، ولا راجعوها بعد خبرِ الرجل- ، وما دخلَ داخلٌ ولا خرجَ خارج حتى اهراقوا الشراب وكسرتِ القلال، ثم توضئ بعضهم واغتسل بعضهم ثم أصابوا من طيب أم سليم ثم خرجوا إلى المسجدِ يخوضونَ في الخمر قد جرت بها سكِك المدينة " ، فقد تواطئتُ المدينة كلُها على تحريمه فلما قرأت عليهم الآية: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) ؟ [ المائدة:91] بعض القوم شَرْبته في يده فلم يرفعها إلى فيه، بل أراق ما في كأسه، وصبَّ ما في باطيته، وقال: انتهينا ربنا انتهينا.. لم يقولوا: تعودنا عليها منذ سنين، وورثناها عن آبائنا؛ كما يفعل بعض مسلمي زماننا. ما تكونت عصابات لتهريب المخدرات؛ لأن الدين هيْمَن على حياتهم، فاستشعروا رقابة ربهم، فبادروا في يُسْرٍ إلى تنفيذه؛ امتثالاً لأمر الله، وأمر رسول الله -[/size][size=32]ﷺ[/size][size=32]-  .
إن النبي -[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]-   يأمر أهل المدينة ألا يكلموا كعباً حين تخلف عن تبوك ، فإذا الأفواه ملجمة لا تنبس ببنت شفة، وإذا الثغور لا تفتر حتى عن بسمة، بل إن ابن عمه وحميمه وصديقه؛ أبا قتادة لمَّا أتاه ليسلِّم عليه كعب ما ردَّ عليه السلام، فاستعبرت عينا كعب رضيَ الله عنه ورجع كسير البال، كاسف الحال. فأمْرُ رسول الله -[/size][size=32]ﷺ[/size][size=32]-  عند هؤلاء القوم فوق كل خُلة، ثم انظر إليهم لما نزلت توبة الله على هذا الرجل -على كعب رضي الله عنه وأرضاه- تتحرك المدينة وتنتفض عن بكرة أبيها إلى كعب ، فإذا الأفواه تلْهَج له بالتهنئة وكانت مُلْجَمَة، وإذا الثغور تفترُّ عن بسمات مضيئة صادقة وكانت عابسة، نفوس لا يحركها إلا دين الله، حالها:
 ما بعت نفسي إلا لله عز وجلَ *** فمن تولى سواه يوله ما تولىَ إنهم لم يقفوا عند امتثال أمره واجتناب نهيه بل تابعوا أفعال المصطفى-[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]- ولاحظوا تصرفاته بكل دقة وشوق وحرص على الاقتداء حتى إذا ما فعل شيئا سارعوا إلى فعله مباشرة لأنهم يعلمون أن سنته سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها هلك. ثبت عند أبي داوود في سننه عن سعيد الخدري قال: ( بينَما رسولُ اللَّهِ -[/size][size=32]ﷺ[/size][size=32]-   يصلِّي بأصحابِهِ إذْ خلعَ نعليهِ فوضعَهُما عن يسارِهِ ، فلمَّا رأى ذلِكَ القومُ ألقوا نعالَهُم ، فلمَّا قضى رسولُ اللَّهِ -[/size][size=32]ﷺ[/size][size=32]-  صلاتَهُ ، قالَ : ما حملَكُم على إلقائِكُم نعالَكُم ، قالوا : رأيناكَ ألقيتَ نعليكَ فألقينا نعالَنا ، فقالَ رسولُ اللَّهِ -[/size][size=32]ﷺ[/size][size=32]-  : إنَّ جبريلَ عليهِ السَّلامُ أتاني فأخبرَني أنَّ فيهما قذَرًا فإذا جاءَ أحدُكُم المسجدِ فلينظُر : فإن رأى في نَعليهِ قذَرًا أو أذًى فليَمسَحهُ وليُصلِّ فيهِما ) .
توحيدٌ في الإتباع!:
فمن قلَّد الآراء ضلَّ عن الهدى *** ومن قلَّد المعصوم في الدين يهتدي بل كان الناس إذا نزلوا منزلا مع رسول الله -[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]-  في أسفاره تفرقوا في الشعاب والأودية فقال لهم -[/size][size=32]ﷺ[/size][size=32]- 
" إِنَّ تَفَرُّقَكُمْ في الشِّعَابِ والأوْدِيَةِ إِنَّما ذَلِكُمْ مِنَ الشيطانِ فلمْ يَنْزِلوا بعدَ ذلكَ مَنْزِلا إلَّا انْضَمَّ بعضُهمْ إلى بَعْضٍ حتَّى يقالَ لو بُسِطَ عليْهم ثوبٌ لعمَّهم " .
تنفيذٌ في يُسْر، وطاعة وامتثال، وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب..
هم ذلك السلف الذين لسانهم *** تنحط عنه جميع ألسنة الورى
تلك العصابة من يحد عن سُبْلِهَا *** حقًا يقالُ لمثله أَطْرِقْ كَرَا
- أَطْرِقْ كَرَا إِنَّ النَّعَامةَ فِي الْقُرَى -  
حقيقة التقوى مما سمعتم -أيها المؤمنون- يتجلى لنا مظهر أفراد المجتمع المسلم في ظل إدراكهم الصحيح لمفهوم الإسلام، فليست المسألة عندهم فرائض يفرضها هذا الدين على الناس بلا موجب إلا رغبة التحكم في العباد، بل هي مسألة وجود الإنسان إذا رغب أن يكون إنساناً حقاً، لا مجرد كائن يأكل الطعام، ويشرب الشراب، ويقضي أيامه على الأرض كيفما اتفق؟! بل هي وضع للإنسان في وضعه الصحيح كإنسان، يستشعر رقابة المولى، وتلك حقيقة التقوى.

 عباد الله: هل استشعر رقابة الله واتقى الله حقيقة من يشهد أن لا إله إلا الله، ويصبح دائباً مُجدّاً مجتهداً في مطعم حرام، وملبس حرام، وغذاء حرام؟ يصبح وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، ووقع في عِرْض ذاك وذا ..
عباد الله: هل استشعر رقابة الله واتقى الله حقيقة من يشهد أن لا إله إلا الله، ويصبح دائباً مُجدّاً مجتهداً في مطعم حرام، وملبس حرام، وغذاء حرام؟ يصبح وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، ووقع في عِرْض ذاك وذا ..
عباد الله: هل استشعرَ رقابةَ الله؟ واتقى اللهَ حقيقةً من يشهدُ أن لا إله إلا الله، ويصبح دائبا مجداً مجتهداً في مطعمِ حرام وملبس حرام وغذاءِ حرام؟ يصبحُ وقد ضربَ هذا وشتمَ هذا وأكلَ مالَ هذا وسفك دم هذا ووقعَ في عرضِ ذاكَ وذا.
يُصَغّر ذا بأراجيفهِ ... ويرجو بذلك أن يِكْبَرا
ولو عاش في عالمٍ أمثلِ ... لكان من الحَتْمِ أنْ يَصْغـُرا

♦ هل استشعرَ رقابةَ الله؟ 
من يجلبُ النارَ ليحرقَ بيتَه وأهله، من يُخربَ بيتَه بيده بوسائلَ لا تزال تُمطره بوابلٍ أو طلٍ من أغاني وأفلامِ ماجنة وقصص سافلة، وترويض للنفوسِ على الكذبِ والنفاقِ وقلب الحقائق؟ قائمًا على هدمِ بيتهِ كالدودة التي تخرج من الميت ثم لا تأكل إلا ذلك الميت؟ ألم يستشعرَ أنه لو مات على حالته تلك مات غاشًا لرعيته خائنًا لأمانته. حامِلًا وزرَه ووزرَ ما جلبه لبيته على ظهره يوم القيامة بقدرِ ما أفسدت هذه الوسائلُ في نفوس أبنائه وأهله من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا. واللهِ لا يعفيك من حساب الله ولا من لوم الناس ولا تأنيبَ الضمير أن تقول أنا ضحية، وما البديل وما البدل وما المبدَّل منه؟ وبيتك حقل لاستقبال الأفكارِ والأوضار والأقذارِ تنبتُ فيه وتترعرع، وأنت تسأل ماذا أفعل؟ لا يفل الحديد إلا الحديد، والباب الذي يأتيك منه القبيح لا حيلة فيه إلا بسده لتستريح.
ألا إن الشراب له إناءٌ *** فإن دنسته دنس الشرابُ
أما في هذه الدنيا أمورٌ*** سوى الشهوات تحرزها الطلابُ
أما في هذه الدنيا أُسودٌ *** كما في هذه الدنيا كلابُ؟
بلـــى. يمنع الليث حِمَاه أن يرى***  فيه كلباً عادياً إن زأرا

♦ هل استشعرَ رقابةَ الله؟ من يتعبدُ بأعمالٍ ليس عليها أمرُ رسولِ الله-[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]- ، وحجته ازديادُ الخيرِ وحبُ رسولِ الله -[/size][size=32]ﷺ[/size][size=32]- ، وكم من مريدٍ للخير لا يصيبه.
أي فتنةٍ أعظم من أن ترى أنك خصصت بفضلٍ لم يخصَ به رسول الله -[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]-  وأصحابُه. ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
♦ هل استشعرَ رقابةَ الله؟ من ليلُه سهرٌ على ما حرم الله، ويصبحُ مجاهراً بمعصيةِ؟ من إذا وصل إلى بيئةٍ أجنبيةٍ لا يعرف أمن اليهودِ هو أم من النصارى والمجوس والذين أشركوا:
كلفظٍ ما لهُ معنى *** كتمثالٍ من الجبسِ
يسيرُ لغير ما هدفٍ *** ويصبحُ غير ما يمسِي

حقيقة الكلمة لجوء إلى الله: وتعرفُ عليه في الشدةِ والرخاء لا على سواه عرافاً كانَ أو ساحراً أو كاهنا أو مقبورا:
لا قُبَّةً تُرْجَى وَلا وَثَنٌ وَلا *** قَبْرٌ لَهُ سَبَبٌ مِنَ الأسبَابِ
أيضًا وَلَسْتُ مُعَلِّقًا لِتَمِيمَةٍ *** أوْ حَلْقَةٍ أوْ وَدْعَةٍ  أوْ نَابِ
لِرَجَاءِ نَفْعٍ أوْ لِدَفْعِ بَلِيَّةٍ *** اللهُ يَنْفَعُني وَيَدْفَعُ مَا بِي
بِاللهِ ثِقْ وَلَهُ أَنِبْ وَبِهِ اسْتَعِنْ *** فَإِذَا فَعَلْتَ فَأَنْتَ خَيْرُ مُعَانِ.
ها هو سيد المتقين -صلوات الله وسلامه عليه- في الشدة والرخاء لا تراه إلا أوَّاهاً منيباً مُخبتاً إلى ربه؛ فبهداه يهتدي المقتدون..
ثبت عند ابن حبان في صحيحه عن عطاءٍ قال : دخلتُ أنا وعبيدُ بنُ عميرٍ على عائشةَ رضي اللهُ عنها، فقال عبيد: "حدثينا بأعجبِ شيء رأيتهِ من رسولِ الله -[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]- ، فبكت وقالت قام ليلةً من الليالي فقال: «يا عائشةَ ذريني أتعبَّدُ لربي »، قالت: فقلتُ واللهِ إني لأحبُ قُربك، وأحبُ ما يَسرُّك، فقام وتطهَّرَ ثم قام يُصلِّي فلم يزل يبكي حتى بلَّ حجرَهُ، ثم لم يزل يبكي حتى بلَّ الأرض من حولِه".

وجاء بلالُ رضي الله عنه يستأذنه لصلاة الفجر، فلما رآه يبكي بكى، وقال: يا رسولَ الله بأبي أنت وأمي تبكي وقد غفرَ لك! وقال: يا رسولَ الله بأبي أنت وأمي تبكي وقد غفرَ لك! قال: « يا بلال أفلا أكون عبدًا شكورا، آياتٍ أُنزِلت على الليلةَ ويلُ لمن قرأها ثم لم يتفكر فيها، ويلُ لمن قرأها ثم لم يتفكر فيها: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ . الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} " [آلِ عمران:190-191].
هذا في رخائه-[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]-
يا نائما مستغرقا في المنام *** قم فاذكر الحي الذي لا ينام
مولاك يدعوك الى ذكره **** وانت مشغول بطيب المنام ؟!
حال النبي صلى الله عليه وسلم وقت الشدة وفي الشدةِ تنقلُ لنا أمُ المؤمنين عائشة رضي الله عنه أيضا كما ثبت في البخاري أنها قالت لرسولِ الله -[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]- ( " يَا رَسولَ اللهِ، هلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كانَ أَشَدَّ مِن يَومِ أُحُدٍ؟ فَقالَ: لقَدْ لَقِيتُ مِن قَوْمِكِ وَكانَ أَشَدَّ ما لَقِيتُ منهمْ يَومَ العَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي علَى ابْنِ عبدِ يَالِيلَ بنِ عبدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إلى ما أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ علَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إلَّا بقَرْنِ الثَّعَالِبِ،) يا لله يعيشُ قضيتهَ بكل أحاسيسه ومشاعره. همٌ بلغَ برسولِ الله -[/size][size=32]ﷺ[/size][size=32]- أن لا يشعرَ بنفسه من الطائفِ إلى السيلِ الكبير. بمَ كان يفكر؟ تُرى بما استغرقَ هذا الاستغراقَ الطويل؟ لعلَه كان يُفكِّرُ في أمر دعوته التي مضى عليها عشرُ سنينَ ولم يستطع نشر الإسلام بالحجمِ الذي كان يتمنى، لعلَه كان يُفكِّرُ كيف سيدخلُ مكةَ فهو بين عدوين.. عدوٍ خلفّه وراء ظهرهِ أساء إليه ولم يقبل دعوته، وعدوٍ أمامهُ ينتظرَه ليوقِع به الأذى.!! يقول -[/size][size=32]ﷺ[/size][size=32]- " فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بسَحَابَةٍ قدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ " - لطفُ الله ورحمةُ الله في لمن يتعرفونَ عليه في الرخاء -، " فَنَادَانِي، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَما رُدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بما شِئْتَ فيهم، قالَ: فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّ اللَّهَ قدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الجِبَالِ وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بأَمْرِكَ، فَما شِئْتَ، إنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ،)
الله ينصر من يقوم بنصرهِ *** والله يخذل ناصر الشيطانِ كان
-[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]- رحيماً بقومه، فما أُرسلَ إلا رحمةً للعالمين، الأمل في هدايتِهم يفوقُ في إحساسهِ الشعورُ بالرغبةِ في الانتقامِ من أعدائهِ والتشفي من قومِه اللذينَ أوقعوا به صنوفَ الأذى. " فَقالَ له رَسولُ اللهِ -[/size][size=32]ﷺ[/size][size=32]-: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أَصْلَابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا.." )
وكان ما رجاه وأمَّلَه؛ بذرة طيبة في أرض خصبة لم تلبث أن صارت شجرة مُورِقَة.. يبني الرجال وغيره يبني القرى... شتان بين قرى وبين رجال رخاءٌ وشِدةٌ لله.. وتلك حقيقة تقوى الله. حقيقة الكلمة .. نظرات وتأملات حقيقة الكلمة أن تكون كراكبٌ على ظهرِ خشبةٍ في عرضِ البحرِ: تتقاذفُك الأمواجُ والأثباج وأنت تدعُ يا ربّ.. يا ربِّ.. لعل اللهَ أن يُنجيك.
حالك ومقالك:
يا مالكَ المُلك جُد لي بالرضاء كرمًا *** فأنت لي مُحسِنٌ في سائر العمر
يا ربّ زدنيَ توفيقًا ومعرفةً *** وحُسن عاقبةً في الوِرد والصدر

حقيقة الكلمة أن لا تنطقَ بكلمةٍ: ولا تتحرك حركةٍ ولا تسكنَ سكوناً إلا وقد أعددتَ لهُ جواباً بين يدي الله فإنك مسؤولٌ فأعدَ لسؤالِ جواباً صوابا.
وعِنْدَ ذَا يُثَبِّتُ الْمُهَيْمِنُ *** بِثَابِتِ الْقَولِ الَّذينَ آمَنُوا
وَيُوقِنُ الْمُرْتَابُ عِنْدَ ذَلِكَ *** بِأنَّ مَا مَوْرِدُهُ الْمَهَالِك

حقيقة الكلمة حذارك أن يأخُذَك الله وأنت على غفلةٍ: أن لا يحضرَ حقٌ لله إلا وأنت متهيء له، أن لا تكونَ عدواً لإبليسَ في العلانيةِ صديقاً له في السر. حقيقة الكلمة استشعار قدرَةِ الله: خصوصاً عند إرادةِ الظلم لعبادِ الله، عاملاً أو خادماً كائناً من كان، يحسبُ المرء أنه يُعجزُ اللهَ فيلهو ويملئ الأرض ظلماً.
روى الإمام مسلم رحمه الله عن أبي مسعودٍ البدريَ قال: (كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي، فَسَمِعْتُ مِن خَلْفِي صَوْتًا: اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عليه، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هو رَسولُ اللهِ -[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]-  ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، هو حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ، فَقالَ: أَما لو لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ، أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ.) من سارَ في درب الردى غاله الردى *** ومن سارَ في درب الخلاص تخلَّصا ثبت عن عبد اللهِ ابن اونيسٍ كما في المسند أن الرسولَ-[/size][size=32]ﷺ[/size][size=32]-  قال: (يَحْشُرُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ،  غُرْلا، بُهْمًا، قَالَ: قُلْنَا: وَمَا «بُهْمًا» ؟ قَالَ: لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ- ، ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ، كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أنا الْمَلِكُ، أنا الدَّيَّانُ، لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَلأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةُ، قُلْنَا: كَيْفَ وَإِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عُرَاةً، غُرْلا، بُهْمًا؟ قَالَ: بِالْحَسَنَاتِ وَالسِّيِّئَاتِ) "
من يعمل السوء سيُجزى مثلها *** أو يعمل الحسنى يفوز بجنانِ خُلِق الظلم: أُمه قلة الدين، وسوء الأخلاق أبوه حقيقة الكلمة : نصرة ونجدة المظلومين: وإنصافهم عند القدرة من الظالمين، ومن نصر أخاه بظهر الغيب نصره الله في الآخرة، وليس من شأن المسلم المتقي الله حقا أن يدع أخاه فريسة في يد من يظلمه أو يذله وهو قادر على أن ينصره. " من أُذِلَّ عنده مؤمن فلم ينصره وهو قادرٌ على أن يَنصره أذلَّه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة"

ثبت عند ابن ماجة في سننه عن جابر قال: " ألَا تُحدِّثونَ بأعجبِ شيءٍ رأيتُم بأرضِ الحبشَةِ ؟ فقال فِتْيَةٌ منهم : يَا رسولَ اللهِ بينَا نحنُ جلُوسٌ إذْ مرَّتْ عليْنَا عجوزٌ مِنْ عجائِزِهِمْ تَحْمِلُ قُلَّةً مِنْ ماءٍ ، فمَرَّتْ بِفَتًى منهُمْ فجعلَ إحدَى يدَيْهِ بينَ كتِفَيْها ، ثُمَّ دفَعَها عَلَى رُكْبَتَيْها ، فانكَسَرَتْ قُلَّتُها ، فلَمَّا ارْتَفَعَتِ التَفَتَتْ فقالتْ : سوفَ تعلَمُ يا غُدَرُ إذا وضعَ اللهُ الكُرْسِيَّ ، وجمَعَ الأوَّلينَ والآخرينَ ، وتكَلَّمَتِ الأيْدِي والأرْجُلُ بما كانوا يَكْسِبونَ ، أتعلَمُ أمري وأمرَكَ عندَهُ غدًا .
فقال رسول اللهِ : صَدَقَتْ ، كيف يُقَدِّسُ اللهُ قومًا لا يؤخَذُ لضَعِيفِهِمْ مِنْ قَوِيِّهِمْ ؟ ".
وقال-[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]- في الحديث : " ابغوني الضُّعفاءَ، فإنَّما تُرزَقونَ وتُنصَرونَ بضُعفائِكُم". بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم. إن من الضعفاء من لو أقسم على الله لأبره، ( وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ ) .
كم يستغيثون، كم هم يئنون.
كَم يَستَغيثُ بِنا المُستَضعَفُونَ وَهُم ** قَتلى وَأَسرى فَما يَهتَزَّ إِنسانُ والعالم اليوم شاهد بهذا،
المستذل الحر والمزدرى عالي الـ *** ذرى والأوضع الأشرف.


كم في المسلمين من ذوى حاجة، وأصحاب هموم، وصرعى مظالم، وفقراء وجرحى قلوب، في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين أنَّى اتجهت:
كبَّلوهم قتلوهم مثَّلوا  *** بذوات الخدر عاثوا باليتامى
ذبحوا الأشياخ والمرضى ولم *** يرحموا طفلًا ولم يبقوا غُلاما هدموا الدُور، استحلُّوا كل ما *** حرَّم الله ولم يرعوا ذِماما
أين من أضلاعنا أفئدة  *** تنصُر المظلوم تأبى أن يُضاما
نسأل الله الذي  يكلأنا *** نُصرة المظلوم شيخًا أو أَياما

لا تكن العصافير أحسن مرؤة منا، إذا أوذي أحد العصافير صاح فاجتمعت لنصرته ونجدته كلها، بل إذا وقع فرخ لطائر منه طرنَ جميعا حوله يعلمنه الطيران فأين المسلم الإنسان؟
إذا أخصبت أرض وأجدب أهلها *** فلا أطلعت نبتا ولا جادها السماء نصر الحق والمظلوم حيث كان، ولا تطمع بوسام التقوى حقيقة إلا إن كنت فاعلاً متفاعلاً، نصيراً بكلمة .. بشفاعةٍ .. بإعانةٍ .. بإشارةِ خيرٍ .. بدعاء .. بعزمٍ ومضاء:
عبئ له العزم واهتف ملئ مسمعه *** لا بد لليل مهما طال من فلقٍ هذا عرينك لكن أين هيبته *** والليث ليث فتي كان أو هرما
على الليالي على الأيام في ثقةٍ *** نقِّل خطاك وإلا فابتر القدما كالسيل مُنطلِقًا، كالليل مُهتدمًا *** حتى ترى حائط الطغيان منهدما

تقديم حب الله ورضاه على كل ما عداه حقيقة الكلمة: إيثار رضا الله على رضا كل أحد، وإن عظُمَت المحن، وثقلت المُؤن، وضعف الطَّوْل والبدن. تقديم حب الله على حب كل أحد؛ إن كان أباً أو أخاً أو زوجاً أو ابناً أو مالاً سكناً: ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ) [التوبة:24].
لما بلغت الدعوة في مكة نهايتها، واستنفذت مقاصدها، أذن الله تعالى لرسوله بالهجرة إلى المدينة وللمسلمين معه، فما تلكئوا، ولا ترددوا، بل خرجوا يبتغون فضلاً من الله ورضواناً. تركوا الأهل والوطن، تركوا المال والولد، لم يبقَ منهم إلا مفتون أو محبوس أو مريض أو ضعيف، وقد كانت الهجرة عظيمة شاقة صعبة على المسلمين الذين وُلدوا بـمكة ، ونشئوا بها، ومع ذا هاجروا منها؛ استجابةً لأمر الله تعالى، ولأمر رسوله -[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]- ولسان حالهم:
مَرحَباً بِالخَطبِ يَبلوني إِذا *** كانَتِ العَلياءُ فيهِ السَبَبا
ثم مرضوا بـالمدينة ، وأصابتهم الحمى، فأباحوا بأشعار وأقوال أثناء المرض تدل على صعوبة ما لاقوه وعانوه على نفوسهم، فها هي عائشة تأتي إلى أبيها أبي بكر رضيَ الله عنهما وقد أصيب بالحمَّى، يرعد كما ترعد السَّعفة في مهبِّ الريح، وتقول له: كيف تجدك يا أبي؟ فيقول:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ في أهْلِهِ... والمَوْتُ أدْنَى مِن شِراكِ نَعْلِهِ
فتقول عائشة : والله ما يدري أبي ما يقول. و بلال رضي الله عنه محموم يُسائل نفسه: هل سيرى سوق مجنة ومجاز ، وجبال مكة كـشامة وطفيل ، ونباتها كالإذخر والجليل، ثم يرفع عقيرته، فيقول: أَلا لَيْتَ شِعْرِي هلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً... بوادٍ وحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلُ
وَهلْ أرِدَنْ يَوْمًا مِياهَ مَجَنَّةٍ... وهلْ يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ وطَفِيلُ

• ولما رأى رسول الله -[/size]
[size=32]ﷺ[/size][size=32]- ما بأصحابه أمَضَّه ذلك وآلمه، إذ كان يعزّ عليه عنتهم صلوات الله وسلامه عليه فدعا ربه: " اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ، وصَحِّحْهَا، وبَارِكْ لَنَا في صَاعِهَا ومُدِّهَا، وانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بالجُحْفَةِ " فكانت بعدها من أحب البلدان إلى أصحابه. حالهم:
اِختَر لِنَفسِكَ مَنزِلاً تَعلو بِهِ *** أَو مُت كَريماً تَحتَ ظُلِّ القَسطَلِ فَالمَوتُ لا يُنجيكَ مِن آفاتِهِ ***  حِصنٌ وَلَو شَيَّدتَهُ بِالجَندَلِ
 وَاِترُك مَحَلَّ السَوءِ لا تَحلُل بِهِ *** وَإِذا نَبا بِكَ مَنزِلٌ فَتَحَوَّلِ

أخيـــراً: هذه مشاعر مسلم حول الهجرة، هو أبو أحمد بن جحش رضي الله عنه وأرضاه، يصورها مع زوجته بأسلوب عظيم يبين فيه أنه يطلب ويرغب ما عند الله بهجرته، ولو كان في ذلك شدة مشقة وتعب ونصب وكد، راجياً ألا يخيبه الله كما يروى، فيقول:
 و لَمَّا رَأَتْنِي أُمُّ أَحْمَدَ غَادِيًا … بِذِمَّةِ مَنْ أَخْشَى بِغَيْبٍ وَأَرْهَبُ
تَقُولُ: فَإِمَّا كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا … فَيَمِّمْ بِنَا الْبُلْدَانَ ولتَنْأَ يَثْرِبَ
فَقُلْتُ لَهَا: بَلْ يَثْرِبُ الْيَوْمَ وَجْهُنَا … وَمَا يَشإِ الرَّحْمَنُ فَالْعَبْدُ يَرْكَبُ إلَى اللَّهِ وَجْهِي وَالرَّسُولِ وَمَنْ يُقِمْ … إلَى اللَّهِ يَوْمًا وَجْهَهُ لَا يُخَيَّبُ فَكَمْ قَدْ تَرَكْنَا مِنْ حَمِيمٍ مُنَاصِحٍ … وَنَاصِحَةٍ تَبْكِي بِدَمْعٍ وَتَنْدُبُ
تَرَى أَنَّ وِتْرًا نَأْيُنَا عَنْ بِلَادِنَا … وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ الرَّغَائِبَ

نَطْلُبُ بهذا ما يصور قساوة الخروج من أرضهم لكنه خروج في سبيل ربهم، فماذا يضرهم والله مولاهم؟ حنوا إلى أوطانهم واشتاقوا إلى خيام اللؤلؤ في الجنة مولاهم، فغلَّبوا الأعلى على الأدنى، والأنفس على الأرخص، والأسمى على الأخس:
شتان بين امرئٍ في نفسه حرمٌ قُدسٌ *** وبين امرئٍ في قلبه صنم خذني إلى بيتي، أرح خدي على *** عتباته -أُقبِّل مقبض بابِه
خذني إلى وطن أموت مشرَّدًا *** إن لم اكحِّل ناظري بترابِه

إنها الجنة والذي نفسي بيده! لو كنت أقطع اليدين والرجلين مذ خلق الله الخلق تسحب على وجهك إلى يوم القيامة ثم كان مأواك الجنة ما رأيت بؤساً قط، فاسمع وعِ:
لا تؤثر الأدنى على الأعلى فتحـ***ـرم ذا وذا يا ذلة الحرمانِ

ألا رُبَّ مبيض ثيابه اليوم مدنس لدينه، ألا رب مكرم لنفسه اليوم مهين لها غداً، ادفعوا سيئات الأمس بحسنات اليومSad إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) [هود:114].
أقول ما تسمعون وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.





 الخطبة الثانية
[/size]
[size=32]الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأوَّلين والآخرين، وأُصلي وأُسلم على النبي الأمين، وآله وصحبه والتابعين. أما بعد: عباد الله! اتقوا الله حق التقوى، فمن حقيقة هذه الكلمة: ألا تنظر إلى صغر الخطيئة، بل تنظر إلى عظمة من عصيت. إنه الله الجليل الأكبر  الخالق البارئ المصور كم من ذنب حقير استهان به العبد فكان هلاكاً لهSadوَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ) • قال طلق بن حبيب: التقوى: أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخشى عقاب الله • قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه : في تفسير قوله تعالى :  (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) أن يطاع فلا يعصى ، ويشكر فلا يكفر ، ويذكر فلا ينسى""
وَسُألَ أبا هريرة عن التقوى؟ فقال:  "هلا مشيت على طريق فيه شوك؟ قال: نعم، قال: فماذا صنعت؟ قال: كنت إذا رأيت الشوك اتقيته، قال أبو هريرة: ذاك التقوى.
وقد صاغ ابن المعتز هذا المعني في بيتي دقيقين رقيقين
خَلِّ الذُنُوبَ صَغِيرَها،*** وَكَبِيرَهَا؛ ذَاكَ التُّقَى!
وَاصْنَعْ كَمَاشٍ فَوْقَ أرْ *** ضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ مَا يَرَى؛
لَا تَحْقِرَنَّ صَغِيرَةً ***  إِنَّ الْجِبَالَ مِنَ الْحَصَى! "
وقال آخر :
لا تحقرن من الذنوب صغارها ** والقطر منه تدفق الخلجانِ
وإذا عصيت فتب لربك مسرعا ** حذر الممات ولا تقل لم يانِ[/size]
[size=32]

الحذر من استحلال محارم الله حقيقة الكلمة أخيراً: الحذر من استحلال محارم الله بالمكر والاحتيال، وأن يعلم العبد أنه لا يخلِّصه من الله ما أظهره مكراً من الأقوال والأفعال، فإن لله يوماً تكِعُ فيه الرجال، وتشهد فيه الجوارح والأوصال، وتجري أحكام الله على القصود والنيات، كما جرت على ظاهر الأقوال والحركات، (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ ) بما في قلوب أصحابها من الصدق والإخلاص للكبير المتعال، ( وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) بما في قلوب أصحابها من الخديعة والمكر والاحتيال، هنا يعلم المخادعون أنهم لأنفسهم يخدعون، وبها يمكرون: ( وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ) [/size]
[الأنعام:123] [size=32]..
( وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) [/size]
[الأعراف:169][size=32].
هذه بعض حقائق الكلمة، جعلنا الله من المتقين حقّاً..[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حقيقة التقوي (علي القرني)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حقيقة "انشقاق القمر"
» عائض القرني و عجائب التسبيح
» حقيقة الأهرامات وحديث القرآن عنها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى المسلمين فى العالم :: الميديا الاسلاميه :: خطب مفرغه-
انتقل الى: