شرع الإسلام للطفل حقوقا تجب له على وليه - الأب والأم ومن يقوم مقامهما - لينشأ نشأة سوية في بدنه و ينبت نباتا حسنا في شخصيته.
فالأطفال جيل الغد و رجال المستقبل والخلف الذي يضمن لأمته استمرارها وامتدادها على مر العصور والقرون.
يقول عز وجل: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة)،
كما اعتبر سبحانه أن الأولاد زينة الحياة و بهجتها و مسرة للوالدين فقال عز و جل (المال و البنون زينة الحياة الدنيا) و هذه المقارنة بين المال والأولاد تعني أن الحياة كما لا تستقيم بدون مال،لا تستقيم
لا تطيب بدون أولاد فكلاهما عنصران أساسيان لحياة طيبة والولد إنما يكون زينة الحياة إذا كان مطاوعا لوالديه بارا بهما حسن الخلق حميد السلوك أما إذا كان عاصيا زائغا عاقا لأبويه فانه يكون مبعث شقاء و نقمة لوالديه، وذلك قوله سبحانه: (يأيها الذين امنوا إن من أزواجكم و أولادكم عدو لكم فاحذروهم) إلى أن قال (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) وفي الآية تنبيه قوي إلى إحسان تربية الأولاد وإنشائهم على الاستقامة حتى لا يكونوا فتنة ولا عدوا لوالديهم.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" ، (رواه مسلم) والحديث يحض كل إنسان أن يخلف بعده ولدا صالحا يدعو له ليبقى عمله جاريا له ما تعاقب الصالحون من أولاده وأحفاده.
و يقول النبي صلى الله عليه و سلم : "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم " ( رواه أبو داود و النسائي ) فالنبي صلى الله عليه وسلم يريد لأمته أن تكون أكثر الأمم أفرادا و عددا وأوسعها انتشارا في الأرض لتضمن لنفسها الاستمرار وتعاقب أجيالها إلى ما شاء الله.
و سعيا في إخراج هذه الأمة المنشودة وإبراز فضائلها للناس وضع الإسلام حقوقا مفروضة للطفل تكفل له نموا سليما وبدنا سويا وشخصية صالحة.
حق النسب للطفل أن يكون له أصل ينتمي إليه ونسب يعرف به ويدعى إليه، و قد حرم الإسلام على الإنسان أن يتنكر لحسبه، وينتمي لغير أصله، يقول عز وجل: (وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام" (رواه الشيخان) يعني أن ينتسب الابن إلى غير أبيه وهو يعلم أنه ليس بأبيه فذلك كذب وزور وتنكر للنسب الصحيح.
حرم الإسلام على المرأة أن تأتي بولد من غير زوجها فتنسبه إلى زوجها وتدخله في نسبه كذبا وزوراً، ففي آية بيعة النساء يقول سبحانه (ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن) يعني من الشروط الموضوعة على النساء الراغبات في الإسلام أن لا تأتي المرأة بولد من غير زوجها فتلحقه بنسب زوجها بهتانا وافتراء على نسبه،
حرم الإسلام التبني أي أن يلحق الرجل ولدا بنسبه إلى أصله وهو ليس من صلبه وقد مضى في الآية الآنفة الذكر (وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) وهو أيضا من شهادة الزور وفيه تزييف النسب وانحراف به عن أصله وتبديل الأحكام الشرعية في الميراث والزواج والعلاقة بين الولد الدخيل وأفراد الأسرة التي احتضنته ، مما ليس محل بسطه وتفصيل القول فيه مناسبا في هذا المقام