[size=147]أهمية
حُسْن الخُلُقْ[/size]
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ للهِ نَحمدُهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونعوذُ باللهِ -تعالى- من شُرورِ أنفُسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يَهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ومن يُضلِلْ فلا هادِيَ لَه وأشهدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له جَلَّ عن الشبيهِ والمَثيلِ والـنِّـدِّ والكُفءِ والنظير وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسولُه وصَفيُّهُ وخليلُهُ وخيرَتُهُ من خلقهِ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آلهِ الطيبين وأصحابهِ الغُرِّ الميامين ما ذكرَهُ الذاكرونَ الأبرار وما تَعاقَبَ الليلُ والنهار ونسألُ اللهَ أن يَجعلَنا من صالِحي أمَّتِهِ وأن يَحشُرَنا يومَ القيامةِ في زُمرَتِهِ.
أمــــــــــــــــــا بعد:
أيُّها الإخوةُ الكرام: قالَ رَبُّنا جلَّ في علاهُ لنبيِّنا محمد -صلى الله عليه وآلهِ وسلم-: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ)، فأتبعاها -سبحانه- بقوله: (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ)، فوَجَّهَهُ ربُّنا -سبحانه وتعالى- بحُسنِ الخُلقِ وكيفيةِ التعاملِ مع الناسِ فقال -جلَّ في عُلاه-: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)[آل عمران:159].
فبيَّنَ اللهُ - جلَّ وعلا- أنهُ مع مرتبةِ النبوةِ العظيمةِ، ومع كونِهِ -ﷺ- هو سَيُّدُ الأولياءِ، وهو خاتَمُ الأنبياءِ، وهو الـمُقّدَّمُ يوم القيامةِ، وهو سيِّدُ ولدِ آدم - إِلّا أنَّ ذلكَ لا يُغنيهِ أبداً عن أن يُحسِّنَ خُلُقَهُ مع الناس.
ولما أثنى اللهُ -جلَّ وعلا- على نبيِّنا -ﷺ- قال سبحانه وتعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم)[القلم:4]،
ولما سُئِلَتْ عائشةُ -رضي الله تعالى عنها- سألَها سَعْدُ بْن هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ -ﷺ-، قَالَتْ: "أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟" قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: "فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللهِ -ﷺ- كَانَ الْقُرْآنَ"(رواه مسلم).
بمعنى أنَّ النبيَّ -ﷺ- يَقرأُ في القرآنِ قولَ اللهِ -جلَّ وعلا-: (وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين)[البقرة:195]
فيُحسنُ إلى الصغيرِ والكبير، يُحسنُ إلى الغَنيِّ والفقير، يُحسنُ إلى المسلمِ والكافر، يُحسنُ إلى الحُرِّ والرقيق.
يقرأ في القرآنِ قولَ الله -جلَّ في عُلاه-: (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً)[البقرة:83]
فيتكلمُ بأحسنِ الكلام...
أيها الأحبة الكرام: كانَ النبيُّ -ﷺ- يُبَيِّنُ في أحاديثَ كثيرةٍ أنَّ كثرةَ الصلاةِ والصيامِ وكثرةَ العبادةِ والتقربِ إلى اللهِ -تعالى- إذا لم تُؤثِّرْ في أخلاقِكَ فلم تَرزُقْكَ رِفقاً في التعامُلِ مع الناسِ، ولم تَكُفَّ أذاكَ عنهم فما حققتَ الغايةَ منها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " قال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ قال: هيَ في النَّــارِ، قال: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وإنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها بِلسانِها؟ قال: هيَ في الجنَّةِ."
وكانَ نَبيُّنا -صلواتُ ربي وسلامُه عليه- يُعلِّمُ أصحابَه أنَّ التَّخَلُّقَ بالأخلاقِ الحسنةِ هي رمزٌ من رموزِ الإسلام، سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ- عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ، فَقَالَ: " تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الخُلُقِ"(رواه أحمد والترمذي).
أيُّها الإخوةُ المؤمنون: لما سئل -ﷺ- عن أثقلِ شيءٍ في ميزانِ العبدِ يومَ القيامةِ قال -ﷺ-: " إِنَّ أَثْقَلَ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُلُقٌ حَسَنٌ، وَإِنَّ اللَّهَ يَبْغَضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ"(رواه أحمد والترمذي).
ولما تكلم -ﷺ- عن أسعدِ الناسِ بالقُربِ منه مَجلساً يوم القيامة، قال -ﷺ- : " إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ"(رواه الطبراني في المعجم الصغير)؛
فالفَظُّ الغليظُ الذي لا يَتآلفُ مع الناسِ، ولا يَأذنُ للناسِ أن يتآلفوا مَعَهُ هذا لا خيرَ فيه.
وقال -ﷺ- مُنَبِّهاً إلى أنَّ حُسنَ الخلقِ يرفعُ العبدَ في الدُّنيا والآخِرَةِ قال: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِم"(رواه الطبراني).
فلئِنْ نافَسَكَ الناسُ في قيامِ الليلِ ونافسوكَ في صيامِ النهارِ فافعَلْ ذلكَ إنِ استطعتَ وزِدْ عليهِ أنْ تُحَسِّنَ أخلاقَكَ مع الناس.
وكان نبيُّنا -صلوات ربي وسلامه عليه- يُنَبِّهُ على هذهِ الفضائِلِ لأجلِ أن يُبيِّنَ لأصحابهِ أنَّكم بأخلاقِكم تَكسبونَ محبَّةَ الناسِ.. بأخلاقِكم تَدعُونَ الناسَ إلى الإسلامِ.. بأخلاقِكم تَعيشونَ سُعَداءَ مع زَوجاتِكم، بل مع أهليكم جميعاً من والِدَين وأبناءَ وإخوةٍ وأخواتٍ.
أيها الإخوة الكرام: بالأخلاقِ الفاضلة نستطيعُ أن نأسِرَ قلوبَ الناسِ جميعاً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ-: "أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ"(رواه أبوداود). و(زَعِيمٌ بِبَيْتٍ) يعني: يُبشِّرُ حَسَنَ الخُلُقِ ببيتٍ في ذلكَ الموضعِ العظيم.
وكان -ﷺ- يوصي من يرسلهم للدعوة إلى الله بحسن الخلق؛ فإنَّهُ -ﷺ- لما أرسلَ مُعاذاً -رضي الله تعالى عنه- إلى اليمن قال معاذٌ -رضي الله عنه-: جعلَ النبيُّ -ﷺ- يسيرُ على الأرضِ وأنا على دابَّتي وكانَ يُودِّعُه عند ذهابهِ إلى اليمنِ.
وكان -ﷺ- قد وقعَ في نفسهِ أنَّ هذهِ السنواتِ التي يعيشُها هي آخرُ سنواتِ حياتِهِ فكان -ﷺ- يوصيه بوصايا مُوَدِّعٍ قال معاذ -رضي الله عنه-: فقال ليَ النبي -ﷺ-: " يا معاذُ إنَّكَ تأتي قَوماً أهلَ كتاب.."، وذكرَ لهُ -ﷺ- وصايا ثم قال معاذٌ: وقال لي النبي -ﷺ-: "يا معاذُ: لعلَّكَ لا تَلقاني بعد لقائي هذا "، قال معاذ: فآخِرُ مَا أَوْصَانِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -ﷺ- حِينَ وَضَعْتُ رِجْلِي فِي الْغَرْزِ أَنْ قَالَ: " أَحْسِنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ" (رواه مالك في الموطأ).
فكان آخر ما أوصاه به النبي -ﷺ- أَنْ قَالَ: " أَحْسِنْ خُلُقَكَ لِلنَّاسِ"؛ لأنه سيذهبُ إلى قومٍ منهم من يعبدُ الأصنامَ والأوثانَ، ومنهم من أهل كتابٍ من يهودٍ ونصارى؛ فيكسَبْ ود هؤلاءِ جميعاً، وحسن دعوتهم إلى الإسلام وتعاليمه بحُسنِ الخلق.
أيُّها المؤمنون: أوصى النبيُّ -ﷺ- بأن يُحسِنَ المرءُ خُلُقَهُ وتعامُلَه مع أقربِ الناسِ إليهِ يبدأُ بهم ثم بعدَ ذلك يَنثَني إلى غيرهم، فكان -ﷺ- يقولُ: " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي "(رواه ابن ماجه والترمذي).
فأحسنُكُم وأجوَدُكم وأعلاكم منزلةً الذي يكون خيراً لأهله.
ثم قال: "وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي" إذاً خيرُكم مع أهله من يكثرُ الابتسامةَ معهم خيرُكم مع أهله من يَرفُقُ في التعاملِ معهم خيركم مع أهله، من يتحملُ أذاهم من يكُفُّ أذاهُ عنهم من يكون كريماً ويُوَسِّعُ عليهم.
وإنك لتعجبُ اليومَ إذا وجدتَ بعضَ الناس ربما حَسَّنَ خُلُقَهُ مع أصحابِهِ مع أصدقائِهِ مع زملائِهِ في عملٍ فإذا نظرتَ إلى تعاملهِ مع زوجَتِه مع أبنائِهِ وبناتِهِ أو ربما مع أمهِ وأبيه لوجدتَهُ لا يحُسِّنُ خلقَهُ، ولا يتحملُ الأذى ولا يَرفُقُ ولا يَحلُمُ ولا يَكظِمُ غَيظَهُ كما يفعلُ إذا خالطَ أصدقاءَهُ أو الله -ﷺ- وهو يقول: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ" فأولى الناس بحسنِ الخلقِ هم أهلُكَ الذين تعيشُ معهم.
إخـــوة الإسلام: وصَّانا الإسلام بوصايا يَحفظُ بها قلوبَ بعضِنا مع بعضٍ صافيةً مُتآلِفةً مُتحابَّةً وكلما كان المرءُ محبوباً عند الخلقِ رفعَ اللهُ -تعالى- قَدْرَهُ وأعلى مَنزِلَتَه، إنَّ ابتسامَتَك في وجهِ أخيك ورِفْقِكَ معه وكَفِّكَ لأذاكَ واختيارِك أحسنَ العبارات إنَّهُ ليقعُ مَوقِعاً من الأجرِ العظيمِ عند الله قبل أن يقعَ من الموقعِ العظيمِ في قلبِ أخيك؛ ولذلكَ حرَّمَ الإسلامُ علينا أشياءَ لأجلِ أن تظلَّ القلوبُ متآلفةً فقال -ﷺ-: " لَا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ "(رواه مسلم).
لماذا لا يجوزُ إذا جاءَني رجلٌ لأجلِ أن أبيعَهُ شيئاً ثم جعلتُ أتفاصلُ معهُ فلا يجوزُ أن يأتيَ بائِعٌ آخرُ ويقول أنا أبيعُكَ بأرخصَ؛ لأنّ هذا سيُفسِدُ الوُدَّ بَيني وبينَ ذلك البائعِ الأول، فحرَّمَ الإسلامُ ذلك حتى لو كنت ستبيع بأغلى وتستفيد من الثمن؛ لأجلِ أن تبقى النفوسُ متآلفةً.
• وكذلك لا يجوز أن يَخطِبْ الرجل على خِطبةِ أخيهِ قال رسول الله -ﷺ-: "لاَ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَتْرُكَ الخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الخَاطِبُ"(رواه البخاري)، كلُّ ذلك لأجلِ أن تَبقى قلوبُ المؤمنينَ مُتآلفةً.
فعجباً من أقوامٍ يعلمون أنهم يستطيعون كسب محبةَ الناس بما هو أسهلُ وأقربُ من ذلك بابتسامةٍ ورِفقٍ وكفِّ أذىً عنهم وتآلُفٍ في الحديث معهم ولينِ جانبٍ عند التعاملِ معهم؛ فيستطيعُ أن يكسبَ بذلكَ قلوبَهم، وأن يرفعَ الله -جل وعلا- درجتَه، ولكنه يقصر في ذلك.
أيها الأحبة الكرام: لقد كان سيدُنا رسولُ الله -ﷺ- حريصاً على حسن الخلق؛ ولذلك كان كثيراً ما يدعو قائلا: " اللَّهُمَّ اهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَعْمَالِ وَأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ"؛ عجباً يدعو بذلك وربُّنا قد مدَحَهُ فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم)[القلم:4]،
نعم... يستزيدُ من فضلِ رَبِّهِ ومِنَّتِهِ وكَرَمِه يقول: " اللَّهُمَّ اهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَعْمَالِ وَأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَقِنِي سَيِّئَ الْأَعْمَالِ وَسَيِّئَ الْأَخْلَاقِ لَا يَقِي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ"(رواه النسائي)
سُئِلَ عبدالله بن المبارك -رحمه الله تعالى- عن حُسنِ الخلق فاختصَرَها في كلمتين قال: "حسنُ الخلقِ شَيءٌ هَيِّنٌ وَجهٌ طَليقٌ، وكلامٌ لَيِّنٌ" فحسنُ الخلقِ شَيءٌ هَيِّنٌ وَجهٌ طَليقٌ مُبتسمٌ وكلام ليِّنٌ يعني رفيقٌ مع الناسِ. أقولُ ما تَسمعونَ، وأستغفِرُ اللهَ الجليلَ العظيمَ لي ولكم من كلِّ ذَنبٍ فاستغفروهُ وتوبوا إليهِ؛ إنَّهُ هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على إحسانهِ، والشكرُ له على توفيقهِ وامتنانهِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له؛ تعظيماً لشأنه، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ الداعي إلى رضوانهِ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آلهِ وإخوانهِ وخِلَّانهِ ومن سارَ على نَهجِهِ واقتَفى أثَرَهُ واستَنَّ بسُنتهِ إلى يومِ الدين.
أمــــــــــــــــــا بعد: :
أيها الإخوةُ الكرام: إنَّ من تأمَّلَ سيرَةَ سيدِنا رسولِ الله -ﷺ- يجدُ أنَّه كان يَبتدِئُ الناسَ بالخلقِ الحسَنِ؛ فكانَ يتبسمُ في وجوهِهم يَتَلَطَّفُ معهم يُمازِحُهم، وكان مع ذلك -ﷺ- يَتَحَمَّلُ أذاهم إذا آذَوهُ، فيأتي الأعرابيُّ يجذِبُه من رِدائِه حتى يُؤَثِّرَ في عُنُقِهِ -ﷺ- فلا يَغضبُ منهُ، يأتي الأعرابيُّ الآخرُ ويبولُ في المسجدِ فيتعامَلُ معه بِرِفقٍ، يأتي معاويةُ بن الحكم فيتكلمُ وهو في الصلاةِ جاهلاً فيرفُقُ به -ﷺ-
وكان -ﷺ- يمازِحُ الفقراءَ والمساكينَ ويتلطفُ ويَقِفُ بجاههِ معهم؛ فكان يبتدئُ الناسَ بالخُلُقِ الحسنِ، ويتحملُ الأذى إذا أوذِيَ -ﷺ- .
نسألُ اللهَ -تعالى- أن يَرزُقَنا الخُلُقَ الحسنَ في كلِّ ما نأتي ونَذَرُ، وأسألُ الله -تعالى- أن يعيذَنا من سَيِّئ الأخلاقِ ومن سيِّئِ الأقوالِ والأعمالِ يا ربَّ العالمين.