هل يجوز استخدام وسائل منع الحمل مع العلم أن جميع الوسائل لها أضرار؟ وهل هناك إثم في فَطْم الطفل وهو صغير -عدة شهور- بسبب الحمل الجديد؟
.
.
.
♦الإجابـــــــــــــــــــــــــــــــة
فأما عن القدر الأول هل يجوز استخدام وسائل منع أو تنظيم الحمل ,
يجوز للرجل عموما أن يلجأ إلى منع الحمل منعا مؤقتا بدليل ما ثبت في صحيح البخاري من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال :" كنا نعزل والقرآن ينزل فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يأمرنا ولم ينهنا "
لم يأمرنا ولم ينهنا ,
متى تجوز؟ اعلم أن المنع المؤقت للحمل
تارةَ يكون مباحًا ، وتارةً يكون مكروهَا ، وتارة يكون محرما
• أما التحريم في حالة ما إذا لجأ إلى هذا الأمر لفقر أو لمخافة الفقر .
هذه طريقة جمع بها العلماء بين الأدلة الواردة في المسألة لأنه قد ثبت عند مسلم من حديث جد امة بنت وهب الأسدية رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (سُئل عن العزل فقال: هو الوأد الخفي ) هو الوأدُ الخفي
بن حزم رحمه الله جعل هذا الحديث ناسخًا للإباحة التي وردت في حديث جابر وغيره ,
لكن الإعمال مقدم على الإهمال
والمفروض أن نجمع بين النصوص وهذا هو ما فعله جمهور العلماء حيث أنهم قالوا: إن الوأد عندما لجأ إليه أهل الجاهلية إما لفقر كقوله تعالى ( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ )
أو لمخافة الفقر كقوله تعالى (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ)
فإن فعل العبد ذلك مخافة الفقر أو لوجود الفقر فعلا يكون بذلك قد وقع في المُحرم،
• وأما إن فعل ذلك لغرض من الأغراض الأخروية أو الدنيوية لأن الصحابة سألوا النبي عليه الصلاة والسلام عن العزل وكان عذرهم في ذلك أنهم قد يحتاجون إلى وطء السبي (وطء الإماء ) .. الرجل يريد أن يطأ أمته التي كانت نصيبه من السبي مثلًا
ويخاف أن تحمل لأنها إن حملت لن يجز له أن يبيعها ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع أمهات الأولاد فيريد أن يستمتع بهذه المرأة وفى نفس الوقت تظل بالنسبة إليه رأس مال يمكن أن يتصرَّف فيه في أي وقت ( فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن العزل لإدراك هذه المصلحة فرخَّصَ لهم في ذلك عليه الصلاة والسلام ) يبقى إن كان لمصلحة دنيويه كالرجل مثلا يريد من امرأته أن تحتفظ بنضارتها وجمالها وعدم تهدُلها وما إلى ذلك جاز له أن يفعل هذا الأمر ,
أو يريد مثلا أن ينشغلا هو وهى بطلب العلم وحفظ القرآن وإتيان مجالس العلم وما إلى ذلك فهذه مصلحة أخروية ،
أو المرأة تريد مثلا أن تتخفف حتى تتمكن من قيام الليل وزوجها يقرها على ذلك ...
كل هذه مصالح دنيويه أو أخروية جاز للرجل أن يعزل يعنى أن يلجأ إلى منع الحمل منعا مؤقتا لتحقيق هذه المصالح .
• إن فعل ذلك لغير مصلحةٍ أصلًا كان ذلك مكروها وهى الحالة الثالثة لأنه مُناف لمقصد الشرع لأن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثرٌ بكم الأمم يوم القيامة )
وهذا أيضا ثابت في حديث معقل بن يسار وغيره وحديث أنس بن مالك عند بن ماجة وغيره في مسند أحمد وإسناده صحيح
فإذا هذا يكون قد فعل أمرا ضد مقاصد الشرع بغير مصلحه فيكون هذا الفعل مكروها
♦♦- يقول السائل مع العلم أن جميع السوائل هو يقصد أن جميع الوسائل لها أضرار فهل يجوز استخدامه مع ذلك ؟
♦ الإجابة
الأشياء التي لم يرد فيها شرعٌ مخصوص تنقسم إلى ثلاثة أقسام ,
• القسم الأول : ما هو ضرر محض ولا نفع فيه بأي وجه من الأوجه كأكل الأعشاب السامة مثلا فهذا ينبغي أن يكون محرمًا وهذا اتفاق من أهل العلم لقوله عليه الصلاة والسلام (لا ضرر ولا ضرار) .
• وهناك أشياء لها نفع محض ولا ضرر فيها : فهذه ينبغي أن تكون حلالا وهذا إجماع .
• وهناك أشياء فيها نفع من وجه وضرر من وجه آخر فإن كان الضرر أكبر من النفع كالخمر والميسر قال الله عز وجل : (فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) .
ولذلك جاء الشرع بتحريمهما وإهدار هذه المنافع التي كانت موجودة فيهما .
أو يكون النفع مساويا للضرر فينبغي أن يكون محرما أيضا لأن دفع الضرر مقدَّمٌ على جلب المصلحة .
• لكن إن كان النفع عاليا والضرر قليلا فهنا ينبغي أن يكون مباحًا
وهذا يندرج تحته تقريبا معظم أو كل الأدوية .
الأدوية دائمًا الصيادلة والأطباء يقولون هذه تسمى بالعقاقير ولها تأثير سام في مجملها تؤثر على الكبد , تستنفذ قدرات الكبد أو تستغرق قدرًا كبيرًا من نشاط الكبد ونشاط الكليتين في تكسير هذه المواد وتحويلها إلى مواد قابله للخروج مع المخلفات ، مع البول والغائط .
لكن المنافع المترتبة على استخدام هذه المركبات أكبر بكثير من الأعراض الجانبية التي تكتب في النشرة المصاحبة للدواء (النشرة التي تكون مع الدواء) .
فكذلك في حالتنا هذه هناك أشياء تكون ضاره وتؤثر على الإنسان أو على المرأة تأثيرا ملحوظا كما يشاع عن الحبوب أو الأقراص (أقراص منع الحمل) ولو أن الكثير من الأطباء يقولون : أن هذه الأعراض الدوخة والرغبة في القيء وما إلى ذلك تكون أعراضًا في بداية تناول هذه الأدوية أو هذه الوسائل فقط لكنها بعد ذلك تزول الأعراض.
وهناك مثلا اللولب , اللولب له أضرار أقل بكثير والله أعلم من الأقراص
لكن على كل حال ما دامت المنافع كثيرة والأضرار قليله ومع ذلك مؤقتة فيجوز الإقبال على مثل هذه الوسائل لغرض صحيح .
.
.
♦ وهل هناك إثم في فطم الطفل وهو صغير عدة شهور بسبب الحمل الجديد؟
♦ الجواب :
أساسًا إرضاع الطفل حولين كاملين قال الله عز وجل (" وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ...)
" لمن أراد" فما دام الشرع علق الأمر بالإرادة فهذا دليل على أنه مباح على أن فطمه قبل تمام الحولين مباح ,
ومعلومٌ من جهة الطب أن الحمل يقلل فوائد اللبن لأن الجنين الجديد المتكون في رحم الأم يستغرق قدرا كبيرا من المواد الغذائية الموجودة ,
والجنين كما يُقال ( لا يرحم ) بحيث أن المرأة إن لم تأخذ قدرا مناسبا من الكالسيوم مع الوجبات الغذائية فإن الجنين يسحب الكالسيوم من عظامها ومن الحوْض ,
هذا يؤدى إلى تشوهات في حوض المرأة وفى عظامها وما إلى ذلك هذه أشياء معروفه لدى الأطباء ، وبالتالي يقلل من المركَّبَات الغذائية الموجودة في لبن الطفل الرضيع ,
لكن على كل حال الثابت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " كدت أن أنهى عن الغيلة - والغيلة هي أن تحمل المرأة في فترة الإرضاع أو الرضاع ـ لولا أنى رأيت فارس والروم يفعلون ذلك فلا يضرهم "
لا يضرهم من حيث أن الطفل يمكن أن يفطم قبل إتمام الحولين وهذا لا يترتب عليه ضرر بالنسبة إليه.
---------------------------
الرابط الصوتي للفتوى
------------------
مع تحيات صفحة " فتاوى مهمة لعموم الأمة "
نرجو دعم الصفحة بالاشتراك والنشر والإعلان عنها
نظراً لأهميتها الشديدة وتناولها لجميع مناحي حياة المسلم والمسلمة والطفل والمجتمع